في مؤشر مهم على النجاح الذي حققته الطائرات المسيرة (بدون طيار) في الوصول إلى أهدافها في الكيان الصهيوني، واختراق كافة الدفاعات والقبة الحديدية، رغم عمليات الاعتراض التي تواجه هذا النوع من الأسلحة المستحدثة، بخلاف عمليات الاستنزاف التي تسببت فيها الصواريخ المحمولة على طائرات مسيرة "الدرون"، للكيان الصهيوني خصوصاً منذ بدء حرب الإبادة التي تقوم بها قوات الاحتلال الصهيوني في 7 أكتوبر 2023.
ونسبة مهمة من تكاليف الحرب التي تنفقها قوات الاحتلال تذهب إلى وسائل التصدي لهجوم الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، من خلال "القبة الحديدية"، فالمؤشرات تقول إلى أن تقديرات من داخل الكيان نفسه منها "بنك إسرائيل" إن التكاليف الناجمة عن الحرب سوف تبلغ 250 مليار شيكل (66 مليار دولار) حتى نهاية العام الجاري، بما في ذلك النفقات العسكرية والنفقات المدنية.
ووفقا لدراسات عسكرية، فإن تكلفة الصاروخ الاعتراضي الواحد لنظام القبة الحديدية تتراوح بين 50 ألفًا و100 ألف دولار، وهذا يمثل عبئاً ضخما على الكيان الصهيوني، وفي بعض الأحيان يتم استخدام أكثر من صاروخ لاعتراض صاروخ باليستي واحد، أو طائرة مسيرة.
وأمام هذا العبء الذي أثفل كاهل الكيان الصهيوني بدأت الحكومة الصهيونية في البحث عن بدائل، حيث تستعد لتجربة أنظمة جديدة كخطوة دفاعية نوعية بدمج نظام الليزر عالي الطاقة قصير المدى، وهو معروف بـ "الشعاع الحديدي" لضمها إلى ترسانتها العسكرية، ويعمل الكيان الصهيوني على إخضاع النظام لتدريبات بحرية قريباً.
وهذا يعكس الأزمة التي يعاني منها الكيان الصهيوني بسبب أعباء الحرب الناجمة عن عمليات إطلاق الصواريخ على طائرات مسيرة، بدون طيار، والصواريخ الباليستية والتي ساهمت في إجبار الألاف من الصهاينة على الفرار من منازلهم في الشمال والجنوب، وتمثل تكاليف معيشتهم ما يعادل نحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي للكيان، بخلاف تكاليف الحماية الحربية.
وكان التحدي المطروح هو البحث عن وسيلة جديدة أقل تكلفة، لاعتراض الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، وجاء الحل الممكن في استخدام نظام "الشعاع الحديدي"، في خطوة لاستجابةً التحديات الأمنية المتصاعدة التي تواجه الصهاينة، خاصة بعد ارتفاع وتيرة هجمات الطائرات المسيرة وصواريخ الكروز والصواريخ الباليستية التي تعرضت لها إسرائيل منذ عام 2023.
ورغم أن هذا النظام متاح من 29 عاماً، إلا أن نجاحه ليس بالمستوى المناسب، وربما الضرورة الاقتصادية، هي الدافع نحو سعي الكيان الصهيوني لتجربته، بالرغم من امتلاكها لنظام "الشعاع الحديدي" قبل ما يزيد عن عشر سنوات، وتحديدا منذ عام 2014.
ووفقاً لتقرير نشره موقع "دفاع العرب"، فإن إسرائيل استمرت في تقييم مفهوم "الشعاع الحديدي" لأكثر من عقدين، من حيث التكنولوجيا المطلوبة لبلورة هذا المشروع، وأصبح متاحا لإسرائيل في عام 2014، فيما ذكرت نقلا عن مجلة The National Interest أن "شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة "المصنعة للنظام" ، لا شك أن التجارب المرتقبة ستستفيد من الدروس المستخلصة من المعارك الأخيرة"، أي المعارك التي خاضتها القوات المحتلة في الحرب على غزة، وفي مواجهة الصواريخ اليمينة أكثر تحديداً.
الهدف الصهيوني من تجارب هذا النوع من الأنظمة الاعتراضية هو اقتصادي بالدرجة الأولى، في ضوء الدراسات التي تقول أن تكلفة الصاروخ الاعتراضي الواحد لنظام "القبة الحديدية" تتراوح بين 50 ألفًا و100 ألف دولار، فيما أن عملية اعتراض بواسطة "الشعاع الحديدي" لن تكلف سوى بضعة دولارات.
وتراهن قوات الاحتلال على أن الشعاع الحديدي خيار جذاب لها حيث يمتلك مدى فعال أقصى يصل إلى 7 كيلومترات، وهو قادر على اعتراض وتدمير مجموعة واسعة من المقذوفات باستخدام كابلات الألياف الضوئية عالية الطاقة المزدوجة، بخلاف قدراته التكنولوجية المتطورة.
ولكن يبقى النجاح في تحقيق الأهداف والرهان رهن مسار الحروب بين وسائل الأسلحة الاعتراضية، والطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، خصوصاً حال امتدت الحرب إلى شهور قادمة، وربما تراهن قوات الاحتلال على الوقت في التجارب خلال فترات الهدنة المتوقعة، واستخدام نظام "الشعاع الحديدي" فيما تخطط له القوات الصهيونية في حرب ممتدة في ظل توقعات بجولات أخرى في حروب خارج غزة.
--------------------------
بقلم: محمود الحضري